يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

حوار مع رجل المخابرات العامة المصرية

جمعة الشوان
نشر في جريدة أهالينا وموقع يلا تغيير

في 25 من شهر ابريل احتفلنا بذكرى تحرير سيناء تلك القطعة العزيزة من أرض مصرنا الغالية،ولكن لم يتذكر أحد بطل من أبطال الصفوف الأولى بل لعله سبق تلك الصفوف الى أرض المعركة ليس على الحدود فحسب بل وراء خطوط العدو,
فحاولنا استدعاء التاريخ و نفض غبار النسيان من على واحد من هؤلاء الأبطال اللذين منهم من ضحوا بحياتهم و أعمارهم و قدموا الغالي في سبيل الوطن، و منهم
من قاوموا ضد أصعب الظروف و أعقدها و أبحروا ضد التيار و حطموا حواجز الخوف و كرسوها لخدمتنا، و أحد هؤلاء الأبطال رجل المخابرات العامة المصرية البطل أحمد الصراف الشهير "بجمعة الشوان" فمن داخل أحد شقق حي عابدين، في إحدى عمارات شارع الفلكي التي تطل على مدرسة المنيرة الإعدادية بنين ،كان لنا مع البطل هذا اللقاء

ـ ما هو الإسم الحقيقي لبطلنا؟
ـ ـ إسمي الحقيقي أحمد محمد عبد الرحمن الصراف و الهوان هو لقب عائلة والدتي لقبت به لأني عملت لفترة مع أخوالي .

ـ و من جمعة الشوان؟
ـ ـ هو الإسم الذي أطلقاه عليَ الراحليين الكاتب صالح مرسي و المخرج يحيى العلمي في عملهم التلفزيوني "دموع في عيون وقحة" و جمعة نسبتاً ليوم كريم و مبارك و الشوان على وزن الهوان، و كان أول عمل درامي من سجلات المخابرات المصرية.

ـ هل كان لك إسم حركي أو عميل برقم ما؟
ـ ـ نعم كان لي اسم حركي ورقم و لكن غير مصرح لي الإعلان عنهم، أما مع الموساد فكان إسمي جورج سايكو.
ـ كيف كانت حياتك قبل بدء مهمتك الوطنية؟

ـ ـ أنا من مواليد السويس نشأت في أسرة مكونة من سبعة أبناء مع والدي و والدتي رحمهم الله و كان ترتيبي الخامس و مع أني لم أكن أكبرهم إلا أني تحملت مسؤليتهم مع أبي و أنا في الرابعة عشر من عمري و عملت في الميناء و البحر و تعرفت على الأجانب و تعاملت معهم و تعلمت منهم عدة لغات و لقبني السوايسة "بالشاطر" حيث أصبحت في فترة قصيرة صاحب شركة سياحة و لم أكمل بعد التاسعة عشرة من عمري و بعد قرارات التأميم التي شملت منها شركتي، عدت مرة أخرى للعمل في الميناء ثم عينت رئيساً لقسم الأشغال ثم فتحت الشركة فرعاً في بور توفيق و عينوني مديراً لإدارته براتب كبير، لكني لم أحب العمل الحكومي فاستقلت و بدأت أنظم عدة رحلات ترفيهية لأطقم السفن التي كانت ترسوا على ميناء السويس و مدها بالمواد التموينية، ثم قامت حرب 67 التي حولت السويس لمدينة أشباح بسبب الغارات التي دمرت كل شيء و أخذت في طريقها اللانش الذي امتلكته و الذي كنت قبل قصفه انقل به بعض جنودنا من الضفة الشرقية إلى السويس أثناء إنسحابهم في حرب 67 و أصبحت لا أملك شيء و هُجرنا للقاهرة ثم سافرت لليونان على أمل أن أجد صاحب شركة يوناني، لي عنده حوالي 2000 جنيه إسترليني قيمة مواد تموينية لأحد سفنه قبل الحرب و من هناك بدأت القصة.
ـ هل القصة التي قُدمت في المسلسل هي القصة الحقيقية كاملةً؟
ـ ـ ما قُدم في المسلسل 7% فقط من الحقيقة و ما لم يذكر كان للدواعي الأمنية و العسكرية، حيث الفترة التي كانت بعد إنهاء خدمتي و ظهور المسلسل فترة قصيرة، عامان فقط و لا يجوز قانوناً الإفراج عن الأسرار إلا بعد مرور مدة طويلة.
ـ و ما هي القصة الحقيقية؟

ـ ـ القصة الحقيقية بإختصار هي أني من أبلغت المخابرات المصرية، حيث تعرفت في اليونان على مجموعة من الحسناوات اليهوديات اللائي قمن بتعريفي على مجموعة من رجال الأعمال الذين صرفوا عليَ ببذخ و عرضوا عليَ العمل مديراً لفرع شركتهم التي ينون فتح فرع لها بالقاهرة مقابل مبالغ خيالية لم أكن أحلم بها بعد أن تنقلت وسافرت معهم لعدة مدن أوربية و طلبوا مني مراقبة حركة الميناء و تصويرها و أعطوني مبلغ 185 ألف دولار خبأوها في مخبأ سري داخل حقيبة و عند عودتي ساورني الشك بأني وقعت في يد الموساد فقررت أن أبلغ الرئيس جمال عبد الناصر
ـ و هل استطعت أن تقابل الرئيس الراحل؟
ـ ـ بعد أربعة أيام، حيث توجهت إلى مبنى المباحث العامة و طلبت مقابلة رئيس المباحث و انتظرت أربع ساعات حتى يلتقي بي و عند اللقاء سألني لماذا تريد مقابلة الرئيس فقلت لأمر يهم البلد، فاستضافوني لمدة ثلاثة أيام و أنا مُصر على ألا أتكلم إلا أمام الرئيس و في اليوم الرابع اتصلوا بسامي شرف مدير مكتب الرئيس و طلب احضاري و قابلته و أكدت له أني لن أتكلم إلا أمام الرئيس، و قد كان.
ـ و كيف كانت مقابلة الزعيم؟

ـ ـ عندما دخلت إليه اصابني الإضطراب و تلعثمت بالكلام فلاحظ هو ذلك فهدء من روعي و سلم عليَ و أشار لي بالجلوس و طلب لي عصير ليمون و له فنجان قهوة، ثم هدأت و جمعت أفكاري و سردت عليه ما حصل و أطلعته على مبلغ 185 ألف دولار الذي كان مخبأ في الحقيبة و الذي لم يكتشفوه موظفي الجمرك و رجال المباحث أثناء تفتيشي، ثم قال لي سأرسلك إلى رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه لأن ما حصل معك شغل موساد و أوصاني أن أقص عليهم كل شيء كما فعلت، ثم ودعني بعد أن شكرني على موقفي مربتاً على كتفي مؤكداً عليَ عدم إغفال أي أمر عن رجال المخابرات و أعطاني رقم هاتفه الخاص و قال إذا أردت أي شيء إتصل بهذا الرقم و سأكون قريباً منك و لا تنسى أن مصر بحاجة إلى أمثالك و كلف رئيس المخابرات المصرية بتولي الأمر، ثم ذهبت بسيارة من الرئاسة إلى مبنى المخابرات و طُلب مني أن أكتب كل شيء من يوم ما ولدت و حتى وقت حضوري إليهم و سلمت المبلغ بالكامل للمخابرات و تولوا تدريبي و توجيهي و كان رئيس فرقة الضباط المسؤلين عني هو الضابط مدحت الذي ظهر في المسلسل بالريس زكريا و الذي وصل إلى منصب نائب مدير جهاز الأمن القومي ثم عين محافظاً للأسكندرية و هو حالياً وزير الدولة للتنمية المحلية اللواء عبد السلام محجوب.
ـ و هل أكملت العمل مع الإسرائيليين من غير أن يَشكوا في أمرك؟

ـ ـ في عام 1968 سافرت إلى هولندا لأبدأ عملي معهم و وضعوني تحت إختبار للتأكد من ولائي لهم حيث زعموا أنهم راقبوني في مصر و شاهدوني و أنا أدخل مبنى المخابرات المصرية، فحبسوني داخل غرفة بإحدى مزارع امستردام و احضروا 12 رجلاً كان كل أربعة منهم يتناوبون على ضربي حتى أعترف و كان يُغمى عليَ من شدة الضرب و صمدت رغم شدة الآلام و بعد ما تأكدوا من سلامة موقفي و نجحت في خداعهم، عملت معهم حتى أنهيت مهمتي و زرت إسرائيل أثناء عملي معهم 38 مرة حيث أعطوني جواز سفر إسرائيلي بإسم يعقوب منصور سكرتير أول بالسفارة الإسرائيلية بإيطاليا، و خرجت من الموساد برتبة عميد.
ـ و ماذا كانوا يطلبون منك، و كيف كانت تدريباتهم، و ما حقيقة جهاز اللاسلكي الذي حصلت عليه؟

ـ ـ كانوا يطلبون مني متابعة حركة الموانيء و تصوير المعدات التي كانت تحملها السفن و رصد الشارع المصري، و طلبوا أن أجد شقة في وسط البلد لكي تكون مقر الشركة الوهمية و المراسلات بعيداً عن بيتي و أسرتي، فاستأجرت هذه الشقة و أسستها كشركة و أسميتها "تريديشن" و كنت أمدهم بمعلومات غير صحيحة و بعض المعلومات الصحيحة بأمر المخابرات المصرية لتضليلهم، مثلاً كنا نرشدهم عن أماكن قواعد للصواريخ بعد أن نغيرها بقواعد هيكلية فيقومون بضربها، و دربني الإسرائيليين على الكتابة بالحبر السري و جهاز الإرسال و حل الشفرات، و بالنسبة للجهاز فأنا حصلت على جهازين و ليس واحد فالأول كان يبعث بالرسالة خلال 10 ثواني و كان هذا قبل حرب 73 و بعد إنتصارنا و صلتني رسالة من الموساد يطلبون حضوري فوراً إلى "البيت الكبير" أي تل أبيب، فشعرت بالخوف و أحسست بأنهم كشفوني و يريدون حضوري للإنتقام فرفضت بعد أن طلبت مني المخابرات المصرية الذهاب لإسرائيل، إلى أن طلبني الرئيس السادات فالتقيت به و قال لي "لو أن مصر طلبت منك أن تضع رقبتك تحت الترماي متتأخرش، دي مصر يا أحمد" فتحمست من جديد و سافرت إلى روما و منها إلى تل أبيب و بعد وصولي لشقتي التي كانت بشارع "ديزن كوف" و جدت أن معظم الضباط الذين كانوا يدربونني قد تغيروا و ذلك دليل على أن نصر أوكتوبر خلخل أمن إسرائيل، فتظاهرت أمامهم بالحزن الشديد بسبب الهزيمة بإعتباري إسرائيلياً، كما أبديت لهم حسرتي على ضياع منصب محافظ السويس الذي كانوا قد وعدوني به عند دخولهم القاهرة منتصرين، و قاموا بتدريبي من جديد و كان رئيس فرقة الضباط المسؤلين عني "شيمون بيريز" الذي أصبح فيما بعد رئيساً للموساد ثم تولى عدة مناصب في الحكومة الإسرائيلية، و في أخر لقاء لي معه تم تدريبي على جهاز إرسال حديث يستطيع إرسال رسالة في خلال 5 ثواني فقط و كان هذا الجهاز الثاني الذي حصلت عليه، حيث تم إخفائه في فرشاة أحذية و عندما رآها بيريز جديدة و لم تستعمل من قبل نهر الضباط المساعدين له و قال معقول أن تكون جديدة، فجلس أسفل قدمي و مسح حذائي بالفرشاة إلى أن أصبحت مصبوغة بلون حذائي، و بعد عودتي كانت أول رسالة نرسلها لإسرائيل بواسطة الجهاز الجديد "من المخابرات المصرية إلى رجال الموساد الإسرائيلي نشكركم على حسن تعاونكم معنا طيلة السنوات الماضية و إلى اللقاء في جولات أخرى".
ـ و ماذا كان رد فعل الإسرائيليين بعد أن كشفتوا لهم خداعكم؟
ـ ـ علمت بعد ذلك بانتحار بعض رجالهم الذين كانوا يتولون تدريبي مع بيريز.
ـ و ما هي شخصية بيريز بإعتبارك تعاملت معه عن قرب؟
ـ ـ شخصيته هادئه و قوية في نفس الوقت لا تعرف الهزيمة و كان يقول دائماً "إذا خسرنا جولة فهناك جولات أخرى".
ـ و هل صحيح أن ضابطة الموساد جوجو تعاونت مع المخابرات المصرية؟

ـ ـ هي يهودية من أصول مغربية اقتنعت بحق الفلسطينيين و كانت تحزن عندما ترى ما يفعله الجيش الإسرائيلي بالفلسطينيين من قتل و تشريد،فبعد نجاحي في تجنيدها قررت ترك الصهاينة و قدمت للمخابرات المصرية معلومات عن جيش الدفاع الإسرائيلي و مفاعل ديمونة و بعد إنتهاء العملية سافرت لإيطاليا و منها جاءت إلى مصر و إستقرت فيها و أشهرت إسلامها في الأزهر و حولت إسمها إلى "فاطمة الزهراء" و حجة لبيت الله و تزوجت و أنجبت ولدين و بنت و تعيش في مصر حتى الآن، و نلتقي أسرياً دائماً
ـ هل ترى أن الفنان عادل إمام قام بتجسيد شخصيتك بشكل جيد أم ترى أنه هناك من كان أفضل منه؟
ـ ـ الفنانان الراحلان محمود مرسي أو فريد شوقي فهم الأقرب لأسلوبي و تفاصيل شخصيتي.
- ما رأيك في دور الإعلام المصري ؟
-- المجتمع يلوم الشباب ويتهمهم بللا مبالاه وعدم الإنتماء ، والإعلام لا يقدم لهم الإرشادات والتوعية الوطنية إلا في اوقات معينة من السنة حين تأتي المناسبات الوطنية ويأتي المجتمع يطالبهم بالولاء والانتماء ، صحيح أن لديهم ولاء وانتماء ولكن يحتاج للدفع فعلينا أن نوفر لهم هذا ثم نحاسبهم ، عندما كنت صغير كان يدرس لنا في المدارس مادة الوطنية كنا نتعلم من خلالها معنى الوطنية والقومية ، أما اليوم لم تعد هذه المادة ذات أهمية والدليل على ذلك أن درجاتها لا تضاف الى المجموع الأساسي .
ـ شقة الفلكي ماذا تمثل بالنسبة لك، و هل هي من مال الإسرائيليين؟
ـ ـ لي فيها ذكريات جميلة وغير جميلة فقد كانت غرفة عمليات لعملية تجسس مزدوج لصالح مصر، و استأجرتها من مالي الخاص و لم أكن آخذ أي شيء من المخابرات المصرية و جميع ما حصلت عليه من مبالغ من الإسرائيليين قدمته للمخابرات المصرية، و لو أردت أن أكون مليونيراً لفعلت.
ـ كيف تعيش حياتك الآن و كيف حال زوجتك السيدة فاطمة ؟

ـ ـ الحمد لله أشعر أني أديت واجبي و زوجتي فاطمة رحلت عن عالمنا منذ عامين وأعيش مع اسرتي الصغيرة زوجتي الحالية الدكتورة ثريا وأبنائي الذين عوضوني عن أشياء كثيرة.
ـ هل ترى أن مصر أعطتك حقك من الرعاية كاالمعاش و التأمين الصحي؟
ـ ـ ما قدمته في سبيل مصر هو واجبي، و الشعب المصري أعطاني حقي من حب و تقدير فالبعض يسألون عني دائماً و حين ألتقي بمن يعرفونني من الشعب أجد منهم كل الحب و التقدير هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى لا يوجد إهتمام فمنذ خمس سنوات طالبت من المخابرات أن يخصص لي معاش، حيث لم يكن لي راتب أو معاش فأرسلوا لجنة من الضمان الإجتماعي لدرس حالتي فقرروا صرف معاش لي و هو 70 جنيه، فشكرتهم في الجرائد على صرفهم المعاش و تنازلت عنه للقوات المسلحة مع أني كنت أتمنى أن أعالج على نفقة الدولة حيث أعاني من عدة أمراض في قدمي و عيني و بحاجة لزرع قرنية و لكن للأسف كل من يؤدي خدمة للوطن يُغبن، و ليس هذا حالي وحدي فيوجد لي زملاء كثيرين خدموا الوطن و لم يجدوا ثمن علاجهم.
ـ ماذا تفعل لوعاد بك الزمن؟
ـ ـ لو عاد بي الزمن سأفعل ما فعلته من أجل مصر، برغم أوضاعي المعيشية القاسية و آلالامي.
- في انتخابات الشورى الماضية انتخبت من ؟ وفي انتخابات الشعب القادمة هل ستنتخب الوطني ام المعارضة ؟
ـ ـ ليس لدي بطاقة إنتخابية و لا أريد أن أستخرجها لأن الوطني و المعارضه كلهم واحد ولا أحد ينفذ وعوده بعد أن يصل للمقعد.
ـ أنت مع التغيير و حق تعديل الدستور؟
ـ ـ من وجهة نظري لا يوجد ثقة بين العرب و حكامهم بما فيهم مصر، أما الدستور إن عُدل فسيُعدل بما يتماشى مع مصالحهم.

و في النهاية أجرينا هذا الحوار بقيم أخلاقية و مبادىء و معايير حضارية لا نقصد به تشويه أحد، و إن هذا الحوار بما فيه من إيجابيات و سلبيات و جمل مضيئة و رمادية و ملونة و بلا لون، تأكيد أن التغيير كائن حي و قابل للنمو و التفاعل و أن فاعليته لن تنتهي إلا بنهاية نبض الحياة، فليكن لنا وقفة مع أنفسنا نرتب أفكارنا و نعدل أوراقنا لننطلق إلى أهداف تخدم وطننا، فهذا دورنا و هذه مسؤليتنا و تلك غايتنا.


هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

حوار جميل والضيف كان اجمل ...
مسلسل دموع في عيون وقحه نقل لنا قصه لم تكن تلك القصه التي تكرم البطل بسردها...لم اكن اعلم عنه الكثير
جزاك الله كل خير يا أ.أسامه علي تلك الحوار الشيق
شكرا

إرسال تعليق